ادعمنا

المعارضة السياسيّة - Political Opposition

تأخذ السلطات على عاتقها تسيير شؤون المواطنين والحفاظ على الاستقرار داخل الدولة. وإنّ الصلاحيات المعطاة لهذه السلطات تختلف تبعاً لعوامل متعددة كطبيعة النظام السياسي ومستوى الديمقراطية في بلد ما. فتعمل على وضع صياغة الأنظمة والقوانين وتطبيقها بغية صيانة الحقوق والحريات في المجتمع وتنظيمه للحد من الفوضى التي تؤثر على العلاقة بين الحكام والمحكومين. إلاَّ أن التوافق على الحكم وكل ما يرتبط به قد لا يكون مطبقاً على أرض الواقع فعلياً، حيث هناك آراء متباينة حوله، لذلك غالباً ما يتم التفريق بين الموالاة والمعارضة. فإنًّ السلطة السياسية ومدى تمركزها تطرح مسألة مدى شرعية المعارضة لها. لذا ما المقصود بالمعارضة السياسية؟ وما هي أبرز الأهداف التي تسعى إليها والوسائل التي تتبعها في سياق عملها؟

 

تعريف المعارضة السياسية معجمياً

إنّ "عارض" هو مصدر المعارضة، فبالاستناد إلى معجم اللغة العربية المعاصرة: "عارضه: رفض قوله أو عمله وناقشه فيه، ناقضه في كلامه وخالفه، جانبه وعدل عنه، قاطعه 'عارض بعضُ النواب مشروع الحكومة'." وتبعاً للمعجم الكافي تُعرف "المعارضة" في العرف السياسي على أنها: "الهيئة أو الحزب الذي لا يوالي الحكومة في مجلس النواب تقابلهُ الموالاة." وهذا التعريف مشابه لما ورد في معجم الغني: " [ع ر ض]. (مص. عَارَضَ) كانت مُعَارَضَتُهُ شديدة اللهجة: الاحْتِجَاجُ، الْمُخَالَفَةُ، الْمُمَانَعَةُ الْمُعَارَضَةُ السِّيَاسِيَّةُ: انتقاد حزبٍ من الأحزاب أو فئةٍ برلمانيةٍ لأعمال الحكومة والتصدي لها بإظهار عيوبها."

 

مفهوم المعارضة السياسية

يعرف روبرت دال- Robert A. Dahl المعارضة "تعريفاً بسيطاً فمثلاً (أ) هو الطرف الذي يمارس السلطة ويقرر سياسة الدولة و (ب) هو الطرف الذي لا يقرر سياسة الحكومة و (ب) في هذا الاصطلاح هو المقصود بالمعارضة."بالإضافة إلى ذلك يعتبر جين بلوندل- Jean Blondel  أن المعارضة "مفهوم 'تابع'.... وهذا يعني أن طابع المعارضة مرتبط بطابع الحكومة. وبالتالي إن فكرة المعارضة، إذا جاز التعبير التشويش على أفكار الحكومة ، والحكم ، والسلطة. (...) ومع ذلك ، فإن الاعتراف بوجود اعتماد للمعارضة على الحكومة لا يعني أنه لا ينبغي النظر في الاختلافات في أنواع وأشكال المعارضة. يُمكن الفهم من تعريفه أن المعارضة مرتبطة بوجود الحكومة. يقول سربست مصطفى رشيد أميدي حول المعارضة السياسية: "هي قوى وهيئات تعبر عن آراء ومصالح فئات اجتماعية، لها أهداف ومشاريع وخطط تختلف عن أهداف وخطط السلطة السياسية القائمة، وهي قد لا تمتلك الأدوات والآليات ذاتها التي تمتلكها السلطة في تنفيذ خططها وبرامجها، فللمعارضة وسائلها الخاصة في الوقوف بمواجهة السلطات الحاكمة والوصول إلى تحقيق أهدافها". يقصد بهذا التعريف أنّ المعارضة السياسية تُقابل السلطة السياسة من حيث أهدافها ومشاريعها. كما يذكر محمد كنعان أنّ "مصطلح 'المعارضة' مشتقة من الكلمة اللاتينية  Oppositus التي تعني العرقلة أو الوقوف في وجه الحكومة، وقد أصبحت المعارضة في أيامنا عنصراً أساسياً في أي نظام ديمقراطي". 

 

أهداف المعارضة السياسة

يوجد اتصال وثيق بين طبيعة المعارضة السياسية في دولة ما وطبيعة نظامها السياسي، حيث تؤثر على حرياتها ومجال عملها. وبذلك تختلف أهداف المعارضة السياسية مع اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية من دولة إلى دولة أخرى. لذا إنها تسعى إلى تحقيق أحد هذه الأهداف أو أكثر:

- تقويم عمل الحكومة من خلال توجيه الانتقادات لممارسات السلطة أو تقديم التوجيهات والمقترحات والنصائح للسلطة لإبداء الرأي بالطرق المناسبة لحل الأزمات أو التحديات التي تواجه الدولة.

- فرض الرقابة على الحكومة حيث يجعلها تشعر أنها مراقبة من قبل جهات معينة تتدخل إذا قامت بأي تصرف تخالف فيه المصلحة العامة من خلال الأعمال التنفيذية التي تقوم بها. وذلك لضمان عدم هيمنة الحزب الحاكم على سبيل المثال خوفاً من الوصول إلى التفرد في السلطة. لذا انها تهدف إلى رصد الأخطاء المبكرة للحكومة بغية إيقافها والحد منها.

- تعزيز الديمقراطية والحد من النزعات الديكتاتورية، فإنّ المعارضة السياسة الفعالة هي من الأوجه الديمقراطية، بينما في الأنظمة الديكتاتورية يتم العمل على حدها ومنعها خوفاً على زعزعة النظام ووصول أفراد آخرين للسلطة. أمّا الأنظمة الديمقراطية تشجع على وجود المعارضة بغيه الحفاظ على التداول السلمي للسلطة.

- الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين، حيث تهدف إلى "كفالة الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين وتوفير حرية العمل السياسي للتيارات المعارضة". وبذلك إنها تشرك الرأي العام في الوعي إلى أنشطة الحكومة والكشف عن أخطائها.

- الاشتراك في الحكم والوصول إلى السلطة عندما تتاح لهم الفرصة وذلك من خلال الانتخابات الدورية التي تحدث. فتهتم في وضع برامج متكاملة تقدم نفسها كبديل للسياسة المتبعة من قبل السلطة الحاكمة. فإنّ فازت المعارضة تصبح في السلطة وأحياناً الحزب الذي يكون في السلطة ويخسر في الانتخابات عندها يتحول إلى معارضة. 

 

أنواع المعارضة السياسية

تتنوع أنواع المعارضة السياسية تبعاً للمعيار الذي يتم على أساسه التصنيف. فإذا كان معيار التصنيف حجم المعارضة يتبين أنّ هناك نوعين: المعارضة الفردية، وهي عندما يكون لفرد أو مجموعة أفراد قلائل من السلطة آراء معارضة وخاصة بهم حيال قضية ما، وغالباً ما تكون محدودة لعدم قدرتهم بالتأثير فعلياً. والنوع الثاني من هذا التصنيف يتجلى بالمعارضة الجماعية، وهي عندما تكون منظمة ضمن تنظيم معين، أي اتحدوا مجموعة الأفراد المعارضين مثلاً ضمن حزب معين يعبر عن أهداف ومشاريع مشتركة. أما إذا كان معيار التصنيف هو الحالة، فهناك أيضاً نوعين: المعارضة المتأنية، أي المعارضة التي تكون لوقت طويل حيث تطرح قضايا جوهرية، والنوع الثاني يتمثل بالمعارضة العابرة، أي التي تحدث بوقت مفاجئ وتكون لوقت قصير تنتهي بانتهاء الحدث. كما أن هذين النوعين متشابهين للنوعين القائمين على معيار الوقت وهما المعارضة المؤقتة التي تنتهي بإنتهاء القضية المراد حلها بعد مناقشتها والوصول إلى حلول، والمعارضة المنظمة التي يكون لها إطار منظم لتحقيق أهدافها. بالإضافة إلى ذلك هناك التصنيف القائم على معيار المشروعية، وهناك نوعين لها: المعارضة المشروعة، "وهي التي تتبع في عملها الأساليب القانونية المعمول بها في المجتمع التي تتواجد به، وتحتكم إلى العقل والحكمة ـــ معارضة سلمية إيجابية ـــ وان ما تستخدمه من وسائل للوصول لأهدافها لا يضر الآخرين من حولها، حيث تسعى من خلال ذلك إلى تحقيق المصلحة العليا للجميع". أما النوع الثاني من هذا المعيار يتمثل بالمعارضة غير المشروعة، وهي على عكس المعارضة المشروعة، تكون معارضة دون هدف معين ودون تنظيم لا تكترث لتحقيق مصلحة المجتمع وإنما المعارضة فقط للمعارضة. وكذلك هناك معيار آخر للتصنيف يتمثل بالأسلوب، وهو ييتضمن نوعين: المعارضة السلمية والتي تحتكم إلى الأساليب القانونية للتعبير عن رأيها والتأثير بقضية معينة، والمعارضة العنيفة التي تستخدم القوة أداة لفرض آرائها وأفكارها.

 

السمات الأساسية للمعارضة السياسية الفاعلة

إنّ نجاح المعارضة السياسية وفعاليتها لا تتحقق سريعاً عندما تُقرر أي قوى إعلان المعارضة، وإنما نجاحها مرتبط بمجموعة من السمات الأساسية لتكون فاعلة. وهي تتمثل فيما يلي:

- طبيعة أهداف المعارضة: حيث تُدرس أهداف المعارضة تبعاً للمستويات التالية المرتبطة "بالقيمة المتعلقة بالهدف، وبالتالي درجة الالتزام بتحقيقه، عامل الوقت لخدمة الهدف، نوع المطالب التي يتوجب تحقيقها لخدمة الهدف. أي أنّ المعارضة الفاعلة تضع أهدافاً محددة تلتزم بها ضمن اطار زمني لتحقيق مطالب معينة تصل من خلالها إلى أهدافها.

- تعبئة الموارد: وذلك من خلال التخطيط والتنظيم والاتصال وغيرها للوصول إلى التطور الكامل وحشد الجماهير، حيث أنّ تعبئة الموارد ضرورة لنجاح المعارضة السياسية لتتمكن من التأثير في السياسات ونجاح تحركاتها واحتجاجاتها. وهذا الأمر يتطلب وقتاً وجهداً لتحقيقه.

- طبيعة الأفكار والبرامج: فإنّ أفكار المعارضة السياسية يجب أن تكون عقلانية ومقنعة وتتلاءم مع النسق العقيدي للأمة، أي المقصود بذلك أن لا تطرح المعارضة برامجاً وأفكاراً لا يمكن أن تقنع بها المواطنين وحشدهم نحوها. "فلا يعقل مثلاً نجاح حركة معارضة مهما بلغت من قوة وتنظيم تنادي بالإلحاد، في دولة أكثر من 90 ٪؜  من سكانها مسلمون."

- التوقيت: إنّ نجاح المعارضة السياسة مرتبط باختيار الوقت المناسب للإعلان عن التحول، وذلك لتتمكن من استغلال الفرص التي تساعدها للوصول إلى أهدافها. ويتوقف التوقيت المناسب وبنية الفرصة السياسية على خمسة عوامل: "درجة انفتاح أو انغلاق النظام السياسي، استقرار أو عدم استقرار التراصف السياسي، وجود أو غياب المتحالفين أو جماعات الدعم، مدى تسامح النخبة الحاكمة تجاه عمليات الاحتجاج، وقدرة النظام على التكيف."

 

وسائل المعارضة السياسية

تتخذ المعارضة السياسية وسائل عديدة لتحقيق أهدافها والتعبير عن الآراء والقضايا التي تطرحها والأنشطة التي تقوم بها. فمن بين الوسائل هناك الأحزاب التي أصبحت "ضرورة سياسية أساسية في تحقيق أهداف المعارضة، وتفعيل دورها في ساحة التنافس والصراع بغية انجاز تلك الأهداف. فالمعارضة ومن خلال الأحزاب السياسية تحاول أن تكون حلقة اتصال بين رغبات الجماهير وبين الدولة وتقوم بمحاولة ملء الفراغ الذي يوجد أحياناً بين السلطة الحاكمة والمواطنين." فالأحزاب تعمل على تنظيم الجهود لتحقق المعارضة من خلالها أهدافها. أما الوسيلة الثانية تتجلى بممارسة حقها في التصويت، حيث يمكنها التصويت في المشاركة السياسية والمساهمة في تغيير السلطة والتعبير عن معارضتها لبعض القضايا. بالإضافة إلى ذلك قد تتخذ المعارضة السياسية وسيلة تعبر عنها من خلال جماعات المصالح المتمثلة بالجمعيات والهيئات والمنظمات والنقابات والاتحادات المهنية. فإن النقابات والاتحادات من احدى الوسائل التي تُعبر عن المعارضة السياسية حيث تكون أهدافها مطلبية والقيام بالتظاهر والإضراب والاحتجاج والضغط على اصدار القوانين. كما أنّ جماعات الضغط تؤثر على السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وعلى القرار السياسي والرأي العام. وكذلك فإنّ المنظمات غير الحكومية هي من إحدى وسائل المعارضة السياسية التي تكون بمثابة منبر لها وتضغط على الحكومة لاجراء تعديلات وإصدار تشريعات والتأثير على أوضاع المواطنين وحشدهم للوصول إلى تغيير الواقع. فضلاً عن ذلك تتخذ المعارضة السياسية من وسائل الإعلام والاتصال طريقة للتعبير عن الآراء وطرح الأفكار السياسية الجديدة. هذا وقد تلجأ المعارضة إلى الإضراب والتظاهر وتقديم الطعون للتعبير عن آرائها، فتستخدمها للضغط على الحكومة وتحقيق مطالبها. ومن النماذج عن تظاهرات الأحزاب المعارضة ضد الحكومات هي "تظاهر الحزب الديمقراطي (2010) في إيطاليا ضد حكومة (سيلفيو برلسكوني)، وفي اليابان تظاهر الحزب الديمقراطي والحزب الشيوعي (2015) ضد حكومة (شينزو آبي)."

 

المعارضة السياسية والديمقراطية

يشير أريس ترانتيدس- Aris Trantidis "إلى أن التنافس الحكومي من خلال المعارضة الفعالة يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من أي تعريف جاد للديمقراطية." فإنّ المعارضة السياسية هي من أهم مرتكزات الديمقراطية القائمة على اعتبار الشعب مصدر السلطات والفصل فيما بينها وتداول السلطة والانتخابات وضمان الحريات الأساسية والحقوق للمواطنين. حيث هناك ارتباطاً وثيقاً بين الديمقراطية والمعارضة السياسية إذ هي بمثابة ضمانة للتنوع في المجتمع وتجنب الاستئثار بالسلطة وتقليص النزعة الاستبدادية. وهذه الأنظمة الديمقراطية تكفل المعارضة السياسية ضمن قوانينها وتضمن عملها بحرية دون قمع لصلاحياتها وذلك من خلال تنظيم القوانين المرتبطة بها والتي تشمل مواد حول عملها كقوانين الأحزاب والانتخابات والجمعيات والمنظمات، وتضمن حق التجمع والتظاهر والاضراب وغيرها من الوسائل السلمية التي تتبعها المعارضة للتعبير عن آرائها ولتحقيق أهدافها المدرجة ضمن برامج عملها.  لذا إنّ المعارضة تتيح التنافس بين مختلف الأحزاب للوصول إلى السلطة وإنّ الحزب الذي يحوز على الأكثرية يشكل الحكومة بينما الأحزاب الأخرى الحائزة على مقاعد في البرلمان تتحول إلى معارضة تراقب عمل الحكومة القائمة وتصحح الانحراف في أدائها. كما أن يمكن أن يكون هناك معارضة من خارج البرلمان وتتمثل بالحزب الذي لم يحصل على مقاعد. فالديمقراطية تتيح للمعارضة السياسية عن طريق الانتخابات النزيهة التعبير بحرية عن إرادة الشعب. وهذا ما يؤدي إلى إعطاء فرصة للتغيير السياسي من خلال الوسائل السلمية وخلق تعددية سياسية. وبذلك إن المعارضة السياسية تحث على العمل المستمر للأحزاب، حيث لا يطمئن أي طرف أنه سيبقى في السلطة دون وجود منافس له. فمثلاً، إنّ بريطانيا تشجع على وجود المعارضة السياسية حيث تعتبر "رئيس حزب المعارضة السياسية في البرلمان 'زعيم المعارضة Leader of the opposition ' ويتقاضى مرتب شهري من خزانة الدولة البريطانية. وهذا يوضح لنا في حد ذاته بأن القانون الدستوري في بريطانيا يعتبر زعيم المعارضة السياسية قائم بوظيفة عامة للدولة لكونه يؤدي دور سياسي فعال في الحياة السياسية النيابية."

 

المعارضة السياسية والدول العربية

يقول عبد العزيز بلقزيز حول سيرة السلطة في البلاد العربية المعاصرة وفي سياساتها تجاه مختلف القضايا كالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، أنه هناك "ظاهرتين عصيتين على الجمع والتوفيق: الإيغال بعيداً في العدوان على تلك الحريات والحقوق وصم الآذان عن المطالب العامة بتوقيرها واحترامها، ثم الإذعان للضغوط الأجنبية في هذا الملف والتكيف مع أحكامها بما في ذلك إبداء بعض الاستجابات لها."حيث يعتبر أنّ في الدول العربية هناك معتقلات تضم عشرات الآلاف من سجناء الرأي ومحاكمات غير عادلة ونفي وتهجير للمعارضين خارج البلاد وتزوير للانتخابات وعدم استقلالية للقضاء وضعف تشكيل الحكومات على أسس الأكثرية مما يؤثر ذلك على حقوق الإنسان وعدم الإستجابة للمطالب ومقترحات المعارضة. وفي نفس الوقت تخضع هذه الدول العربية لاملاءات الضغوط الأجنبية لاجراء بعض التحسينات المرتبطة بحقوق الإنسان مثل الحق على ضمان حرية التعبير وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون، وبذلك إنّ التحسين النسبي انطلق من الضغط الأجنبي. ولكن بشكلٍ عام هناك العديد من الدولة العربية التي ما زالت تمنع نشوء الأحزاب وبالأخص المعارضة منها، وما زال هناك اقطاع سياسي وهيمنة طائفية تحد من نشوء المعارضة السياسية الفعالة. وبذلك ان افتقار الديمقراطية الفعلية ومرتكزاتها يُفرغ المعارضة من مفهومها الفعلي حيث تفتقر إلى البرامج المتطورة التي بإمكانها احداث التغييرات. فيقول بلقزيز أنه هناك "أربعة من الأعراض الرئيسية التي نزعم أنها تقدم شهادات صارخة بعمق الأزمة المستفحلة في كيان قوى المعارضة السياسية في الوطن العربي". وهي تتمثل بالتسلط المؤسسي والفردي واحتكار القرار حيث هناك ضعف في توزيع المسؤوليات في الأحزاب والبيروقراطية التسلطية في إدارة الشأن الحزبي، والانسداد التنظيمي حيث هناك نخبة تحتكر القرار، وضمور كيان المعارضة حيث لا يوجد تجديد بها والاقتصار على التغني بتاريخ مضى وتراجع شعبيتها. بالإضافة إلى هذه الأمور، إنّ الدول العربية وأنظمتها تقمع أيضاً وتستبد المعارضة، فهذا ما يدفع بعض قوى المعارضة إلى البحث عن دعم خارجي لتقوية نفوذها. ومن الجدير بالذكر أن درجة الانفتاح السياسي تختلف من دولة عربية إلى أخرى وتتطور أدوارها ووسائلها. وكذلك "أن أدوار المعارضة ستمارس، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية، من قبل منظمات المجتمع المدني الاخذة في الانتشار خلال هذه المرحلة."

خلاصة القول إنّ المعارضة السياسية ضرورة لتعزيز الديمقراطية داخل الدول. وفي الوقت عينه هناك انتقادات تثار حول مدى فعاليتها في الدول التي تسعى الدول الكبرى للهيمنة عليها. لذلك غالباً ما يُنظر إليها على أنها تتلقى دعم خارجي وتُنفذ أجندات سياسية خارجية ضد الحكومات المعادية، مثلما تمّ وصفها إبان الثورات الملونة التي حصلت في العديد من الدول كأوكرانيا وجورجيا أو خلال الانتخابات. فما مدى صحة هذه الانتقادات؟

 

 

المصادر والمراجع:

أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، المجلد الأول، عالم الكتب، الطبعة الأولى، مصر، 2008.

محمد خليل باشا، الكافي عربي حديث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الرابعة، بيروت، 1999.

معجم الغني، تعريف المعارضة، منشور على موقع القاموس العربي، غير محدد. 

علي مهدي كاظم، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير بعنوان: اشكالية غياب المعارضة البرلمانية وأثرها في أداء النظام السياسي في العراق بعد عام 2005، معهد العلمين للدراسات العليا، قسم العلوم السياسية، العراق، 2020.

سربست مصطفى رشيد أميدي، المعارضة السياسية والضمانات الدستورية لعملها، مؤسسة موكرياني للبحوث والنشر، الطبعة الأولى، أربيل، 2011.

أحمد محمد كنعان، مقال بعنوان: من أصول المعارضة السياسية، منشور عبر موقع مركز الشرق العربي بتاريخ 27-04-2019.

فادي صيدم، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير بعنوان: المعارضة السياسة في تركيا: الإسلاميون نموذجاً في فترة 1996- 2007، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأزهز، غزة، 2012.

عبد الحكيم بن بختي، دور المعارضة في ترسيخ الثقافة الديمقراطية في الوطن العربي، مجلة أكاديميا، العدد الثالث، 2015.

أمجد الدهامات، مقال بعنوان: أسئلة حول المعارضة السياسية، منشور على شبكة النبا المعلوماتية بتاريخ 23-07-2019.

 محمد المسيري، مقال بعنوان: المعارضة السياسية في النظام السياسي البريطاني، منشور على موقع صوت العروبة، بتاريخ 18 تشرين الثاني 2016.

عبد العزيز بلقزيز، في الإصلاح السياسي والديمقراطية، الشركة العالمية للكتاب، الطبعة الأولى، لبنان، 2007.

محمد بنهلال، تحولات المعارضة والمجال العام في الدول العربية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، 2018. 

Ludger Helms, Introduction: The nature of political opposition in contemporary electoral democracies and autocracies  European Political Science, Number: 20, Austria, 21 April 2021, University of Innsbruck.

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia